الســؤال
فضيلة الشيخ أحمد بن مجيد الهنداوي حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
شيخنا الفاضل: انتشر بين الناس بدعة جديدة وظاهرة تسمى مجموعة تدعي بتأثير الأبراج السماوية والأفلاك على الناس, وأن لهذه الأجرام السماوية تأثيرا على شخصية الرجل أو المرأة، وهم لا يقومون بالتنبؤ بالغيب والمستقبل, بل يسدون النصائح، وبناءً على حسابات رياضية معقدة كما يزعمون.
ويحتجون أن لهذه الأجرام تأثيرا فيزيائيا وسيكولوجيا وغيره، كما للقمر تأثيرا معلوما على البحر والمحيط في مده وجزره، وكما للقمر تأثيرا أيضاً على ما يحمله جسم الإنسان من سوائل ودماء، فجاء التوجيه النبوي على مواعيد معينة لإجراء الحجامة، وهم تراهم يستشهدون بالكتاب والسنة، وأمرهم واسع ولكن كان هذا على سبيل المثال لبعض أعمالهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهم يعيدون القول دائماً أنهم لا يتنبؤن بالغيب كما يفعل المنجمون والسحرة !!
فما حقيقة هذه الادعاءات؟ وهل هناك صحة في قولهم؟
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذا السؤال سؤال كريم قد قصدت به نصح عباد الله المؤمنين في هذا الشأن الخطير والمهم والذي يتعلق بتوحيد الله عز وجل، ويتعلق بأمر عقدي عظيم الخطر جليل القدر؛ فإن أمر التنجيم قد يخفى على كثير من الناس وقد يطلق عليه الأسماء البراقة التي تخدعهم وتجعلهم يظنون أنه ليس من علم التنجيم المحرم فينخدعون به وينساقون وراءه، ولذلك فإن الجواب يحتاج إلى مقدمات وممهدات ليتضح ويستقر في النفس، وقبل ذلك فقد أشرت إلى صفات هؤلاء المدعين الذين يدعون أنهم يساعدون الناس عن طريق حسابات تتعلق بالنجوم والكواكب، فقد أشرت الآتي:
1- أنهم يدعون تأثير الأبراج السماوية والأفلاك التي تدور فيها على الناس، وأن لهذه الأجرام السماوية (النجوم) تأثير على الرجل والمرأة.
2- أنهم يزعمون أنهم يقومون بحسابات رياضية معقدة عن طريق علاقة النجوم بتأثيرها على الناس وصفاتهم وطبائعهم.
3- أنهم يقومون ببيان ما يصلح لبعض الأعمال الذي يريدون الناس أن يقومون بها بحيث يحددون لهم الأوقات المناسبة، وذلك كأن يريد شخص أن يقوم بحفل زفاف فيحددون له الموعد المناسب بناءً على حساباتهم النجومية، أو يريد أن يتزوج بعض النساء فيقومون بطلب تاريخ مولد السائل ثم بعد ذلك يقومون بحسابات مزعومة لينظروا هل توافقه هذه المرأة أم لا؟ وهل سيكونون متناسبين أم لا؟ أي بعبارة أخرى هل سيسعدون بزواجهم بعد ذلك أم لا؟ بل ويتعدى الأمر إلى أمر الشركة التجارية بحيث أن السائل إذا أراد أن يدخل في شركة من الشركات مع بعض الناس يطلبون منه هذه المعلومات التي تتعلق بمولد السائل حسب الأشهر الشمسية ثم بعد ذلك يقومون بالنظر هل يصلح أو هل يشارك هؤلاء أم لا؟!
وحاصل ادعائهم أنهم يحللون شخصية السائل بناء على تأثير الكواكب في الناس بتاريخ الوالدة وينسبون ذلك إلى تأثيرٍ فيزيائي (سيكولوجي)، فهذا حاصل ما ذكرته عنهم.
ولبيان معرفة حكم هذه الأعمال التي يقوم بها هؤلاء المدعون فلابد أن تعرف ما هي حقيقة التنجيم ثم بعد ذلك ما هي الأسماء الشرعية للمنجم ولمن يتعاطى النجامة، ثم بعد ذلك حكمه الشرعي، فهذه ثلاثة أمور:
فأما عن التنجيم؛
فإن التنجيم الذي ورد في الشريعة النهي عنه هو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية والمزج بين التأثير الفلكي في الأمور الأرضية، فهذا هو التعريف الشامل لمعنى التنجيم، وإليك تفسيره:
فأما عن الاستدلال عن الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية فهذا يكون بأن يقع بعض الأحداث فحينئذ يزعم هؤلاء أن النجم الفلاني أو الفلك الفلاني قد دلَّ على وقوع هذا الفعل وتارة يكون هذا مسبوقاً بحيث أنهم يدعون أنه سيحصل في المستقبل أو أنهم يزعمون أن هنالك ارتباطًا بين هذا الحادث وبين النجوم والأفلاك، فليس من شرطه أن يكون للمستقبل وإن كان الغالب على المنجمين هو ادعاءهم معرفة الغيب إلا أنه ليس من شرطه أن يكون بادعاء أنه سيحصل غدًا كذا أو بعد غدٍ كذا ولكن كلا الأمرين وارد، وهو أن يدعي أن لهذا الحادث علاقة بالنجم الفلاني؛ لأن من ادعى أن هذا الحادث الذي تم له علاقة بالنجم الفلاني أو بالحركة الفلكية الفلانية فهو قد ادعى أن للنجوم تأثيرًا في الحوادث الأرضية - كما هو ظاهر لك -.
وأما المزج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية معناه أن للأفلاك والنجوم قوى تؤثر فيما يقبله التأثير في الأرض، فهي تؤثر في الناس وتؤثر في الطبائع وتجعل هذا مناسبًا لذاك، وعن طريق معرفة الحساب الشمسي بحيث يدل تاريخ الميلاد الشمسي على أن هذا الرجل مثلاً وهذه المرأة من برج السرطان مثلاً أو برج العقرب فحينئذ يكون التناسب بينهما. ويحكمون بأن الزواج بهذه المرأة هو أمر مناسب وأن زواجها بهذا الرجل هو أمر مناسب، وهذا تصريح بأنهم يدعون أن للنجوم تأثيراً في الخلق، وهذا التأثير هو الذي يسمونه التناسب والتلاؤم ويطلقون عليه أسماءً علمية كأن يقولوا هو راجع لأمر (سيكولوجي/ نفسي) وربما قالوا (فسيولوجي) أي أنه راجع إلى قوانين فيزيائية، وكل هذا من التلبيس عن الناس لتروج بضاعتهم عليهم – كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله - .
فحصل بذلك
أن مجرد ادعاء أن للنجوم تأثيرًا في الناس وفي أخلاقهم وفي طبائعهم هو من التنجيم الصريح الذي يجعل صاحبه إن تعاطاه منجِّماً تنسحب عليه جميع الأحكام الشرعية، وهو في التحقيق – لو أمعنت النظر – هو ادعاء علم الغيب بعينه؛ لأنهم لما يقولون لهذا السائل - الذي أراد أن يشارك بعض الناس - هل مشاركة هذا الرجل صالحة أم لا فيقولون له: وفق الحسابات التي لدينا بالنجوم إن مشاركتهم صالحة، فهذا عين ادعاء الغيب كأنهم يقولون له: إن مشاركتك ستكون ناجحة مع هؤلاء الناس ولن يصيبك الضرر، حتى ولو نفوا هذا لأنهم يعلمون أن عباد الله المؤمنين يرفضون مبدأ أن يكون هنالك أحد يدعي علم الغيب لعلمهم أن علم الغيب مما استأثر به الواحد الأحد جل جلاله.
فثبت بهذا أن الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية والتنزيل بين القوى الفلكية وما يقبلها من الأمور الأرضية هي صناعة التنجيم، ولك أن تضبطها وتحصرها بكلمتين اثنتين وهي أن تقول:
(صناعة التنجيم هي ما كان متعلقاً بأحكام النجوم وتأثيراتها)، فأحكام النجوم معناها أنها هي التي تحكم وتقضي بأن يكون كذا وكذا وأن يحصل كذا وكذا، أو تأثيرها بأنها تؤثر في النفوس بحيث أن هذا يصلح لهذا، وذاك لا يصلح لذاك ولو تم في التوقيت الفلاني لكان أمرًا ناجحاً ولو في التوقيت الفلاني لكان أمراً خاسراً أو فاسداً، فهذا هو عين التنجيم الذي أجمعت الأمة على تحريمه.
وإليك نقل الشيخ الإمام أبو العباس تقي الدين ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى – حيث قال:
"صناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير. وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل؛ قال الله تعالى:
{وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}، وقال تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}. قال عمر – رضي الله عنه – وغيره:
الجبت: السحر".
فهذا يبين لك أن
هذه الأعمال من الأمور المجمع على تحريمها، وقبل ذلك نود أن نورد أسماء المنجم والتنجيم في الاصطلاح الشرعي، فالمنجم والكاهن والعرَّاف والساحر أسماء تترادف عند كثير من أهل العلم – عليهم جميعًا رحمة الله تعالى – فلا فرق بينها، أو أنها نظير بعضها بعضًا، أي أنها متماثلة في الحكم وإن كان هنالك فرق من العمل، فمثلاً المنجم يستدل بالأحوال الفلكية على التأثيرات في النفوس ويدعي أن التوقيت الفلاني لا يصلح بسبب تعلقه بالنجم كذا، وأن زواجك بفلانة ناجح بسبب تعلق الأمر بالفلك كذا، و
أما العراف فهو الذي يدعي مثلاً أنه يستطيع التعرف على الأمور والمخبئات،
وأما الكاهن فهو الذي يدعي علم الغيب.
وأما الساحر فهو الذي يأتي السحر بطريق مباشر، فكل ذلك قد يكون له فرق من جهة الأعمال ولكن الحكم واحد.
وقد صرَّح كثير من الأئمة – عليهم جميعًا رحمة الله تعالى – أن بترادف هذه الأسماء؛ فالمنجم والساحر والعراف والكاهن كلها أسماء لمعنى واحد عند التحقيق، وهذا هو الأظهر، وقد نصَّ طوائف من أهل العلم على أن العراف والمنجم يدخلان في اسم واحد.
ونصَّ الإمام حمد بن سليمان الخطَّابي – أحد الأئمة الأعلام صاحب كتاب معالم السنن – أن المنجم يدخل في اسم الكاهن، وقد نصَّ على ذلك غيره من أهل العلم أيضًا – رحمهم الله تعالى – فقد
سوَّى كثير من أهل العلم بين الساحر والكاهن والعراف والمنجم، وهذا هو الأظهر لأن المعنى واحد وإن كان هنالك افتراق من جهة الصناعة التي قد يتداولونها إلا أنها جميعها تندرج في حكم واحد، ولذلك سوَّى بين الأسماء كثير من أهل العلم؛ كما نصَّ على ذلك الشيخ تقي الدين ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى -.
والدليل الصريح الذي يقطع لك الإشكال هو ما نطق به المعصوم - صلوات الله وسلامه عليه – فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود في السنن بإسناد صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) فقال أبو العباس – - رحمه الله تعالى - : "فقد صرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بأن علم النجوم من السحر، وقد قال الله تعالى:
{ولا يفلح الساحر حيث أتى}، وهذا يبين لك أنه لا فرق بين هذه الأسماء وهذه المعاني في الحكم. إذا علم هذا فلتنتقل إلى حكم هؤلاء:
فقد أخرج أبو داود في السنن عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – أنه قال:
(من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال:
(من أتى كاهنًا أو عرافًا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) متفق على صحته. وأخرج البزار عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – أنه قال:
(من أتى كاهنًا أو عرافًا أو ساحرًا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد).
فهذا يبيِّن لك ما هم عليه، ولذلك غلظ النبي - صلوات الله وسلامه عليه - في حكم من أتى إليهم فسألهم؛ حتى قال - صلوات الله وسلامه عليه – كما وقع في الحديث الأول، وقد قال - صلى الله عليه وسلم – فيما أخرجه مسلم:
(من أتى عرافًا فسأله فصدقه عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة). وقد نصَّ الله جل وعلا على كفر الساحر ومن في معناه كما ثبت عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – التصريح بأن علم التنجيم من السحر في الحديث المشار إليه:
(من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)، وقال الله تعالى:
{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}. فقد صرح جل وعلا بكفر من يتعاطى السحر، وهذا هو الذي عليه أئمة الإسلام - عليهم جميعًا رحمة الله تعالى – وأيضًا فقد خرج النسائي في السنن عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – أنه قال:
(ومن سحر فقد أشرك).
إذا عُلم هذا فإنه
يحرم على كل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يأتي هؤلاء الناس أو يتعامل معهم أو أن يؤجر لهم دكانًا أو بيتًا يتعاطون فيه هذه الأعمال، فإن أي تعاون مع هؤلاء هو من جنس التعاون على الإثم والعدوان كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. وأما استدلالهم ببعض الأحاديث الثابتة عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – في أنه قد حدد الحجامة في أوقات معينة من الشهر العربي، فهذا من أعظم التلبيس والكذب والبهتان، فإنه لا علاقة بين هذا الشأن وبين ما يدعونه من تأثير النجوم والأفلاك على شخصيات الناس وأحوالهم وتحديد المواعيد الصالحة من عدمها؛ فإن ما ورد عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – في هذا هو أنه يتعلق بالوقت المناسب لإقامة الحجامة خاصة؛ لأن الإنسان مثلاً إذا تعرض لشمس أو تعرض للضوء كضوء القمر عند قوته وعند بروزه فإن له تأثير على الدم بحيث يكون مناسبًا لصعوده إلى أعلى الجلد لإخراج الدم الفاسد، فهذا غاية ما ورد عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه - ، وأين هذا مما يدعونه من معرفة أن الوقت الفلاني هو الوقت المناسب لزواج فلان وأن الوقت الفلاني هو الوقت الذي لا يصلح فيه أن يتزوج أو أن هؤلاء الناس بأعيانهم يصلحون في الشركة معك أو لا يصلحون؛ فكل ذلك من التنجيم ومن ادعاء علم الغيب عند الإمعان وهو من تكذيب الله وتكذيب رسوله - صلى الله عليه وسلم – وقد نصَّ أهل العلم – عليهم رحمة الله تعالى – على أن هذا من المنكر العظيم؛ حتى قال الشيخ أبو العباس - رحمه الله تعالى - : "
فإن هؤلاء الملاعين – يعني المنجمين - يقولون الإثم ويأكلون السحت بإجماع المسلمين، وثبت عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – برواية الصديق عنه قال :
(إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب منه) وأي منكر أنكر من عمل هؤلاء الأخابث، سوس الملك، وأعداء الرسل، وأفراخ الصابئة عباد الكواكب؟! فهل كانت بعثة الخليل صلاة الله وسلامه عليه إمام الحنفاء إلا إلى سلف هؤلاء، فإن نمرود بن كنعان كان ملك هؤلاء، وعلماء الصابئة هم المنجمون ونحوهم وهل عبدت الأوثان في غالب الأمر إلا عن رأي هذا الصنف الخبيث، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله".
فالواجب هو نصح المسلمين وتحذيرهم من شر هؤلاء الدجالين الأفاكين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويسمون أعمال السحر والشعوذة والتنجيم بأنها راجعة تتعلق بالتأثير الفلكي من ناحية (سيكولوجية) أي نفسية أو فيزيائية وكل ذلك من التلبيس وهذا شأن الشيطان وأوليائه، فإنهم إذا أراد أن يمروا أمرًا على الناس ليقبلوه أصبغوا عليه الأسماء التي تروج على الناس، ولذلك لما أراد إبليس أن يغوي آدم عليه الصلاة والسلام لم يقل له تناول شيء من شجرة المعصية وكل منها، وإنما قال له:
{يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى} فسماها شجرة الخلد وسماها ملكًا لا يبلى وهي شجرة المعصية التي نهى الله تعالى عنها، وهذا هو شأن أهل الباطل عندما يريدون إمرار خبثهم؛ وقد قال تعالى:
{شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ}.
فعلى المؤمنين عباد الله جل وعلا أن ينيبوا إلى ربهم وأن يطلبوا الخير والسعادة باتباعهم نبيهم - صلوات الله وسلامه عليه – وقد قال تعالى:
{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنْسَى}. وقد
شرع الله تعالى لنا صلاة الاستخارة التي إذا أراد المؤمن أن يقدم على أمر أن يستخير ربه وقد كان - صلوات الله وسلامه عليه – يعلم صحابته صلاة الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن،
فمعنى الاستخارة أن تطلب أن يختار الله لك، فكيف يترك اختيار الله جل وعلا والتقرب إليه والتوكل عليه بالذهاب إلى هؤلاء الدجالين السحرة الأشرار الفجار، ولا حول ولا قوة بالله العلي العظيم، ونسأل الله عز وجل أن يرد المسلمين إلى الحق ردًّا جميلاً، وجزاكم الله خير الجزاء على سؤالك الذي قصدت به نفع المسلمين وأن يوفقكم لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.
المصدر